Minggu, 31 Mei 2015

طرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها

أولا: طريقة النحو والترجمة
أ‌.          نشأة الطريقة
تعتبر هذه الطريقة أقدم طرق تعليم اللغة الثانية وتعود إلى عصر النهضة في البلاد الأوربية، حيث نقلت اللغتان اليونانية واللاتينية للتراث الإنساني الكثير إلى العالم الغربي، فضلا عن تزايد العلاقات بين مختلف البلاد أوربية، مما أشعر أهلها بالحاجة إلى تعلم هاتين لغتين. فاشتد الإقبال على تعلمها وتعليمها. واتبعت في ذلك الأساليب التي كانت شائعة في تدريس اللغات الثانية في العصور الوسطى. ولقد كان المدخل في تدريسها هو شرح قواعدها والانطلاق من هذه القواعد إلى تعليم مهارات اللغة الأخرى الخاصة بالقراءة، والترجمة. ثم صار تدريس النحو غاية في ذاته. حيث نظر إليه على أنه وسيلة لتنمية ملكات العقل وطريقة التفكير. ولقد شاع استخدام هذه الطريقة ابتداء من الثلاثينات في هذه القرن.[1]
ب‌.     ملامح الطريقة
من الممكن أن نوجز أهم ملامح طريقة النحو والترجمة فى تعليم العربية كلغة ثانية فيما يلي:
1. إن أهداف الرئيس من تعليم اللغة العربية كلغة ثانية هو تمكين غير الناطقين بالعربية من الاتصال بمصادر الثقافة العربية وقراءة كتابتها وفهم نصوصها.
2.  إن الإلمام بقواعد اللغة العربية شرط أساسي لممارسها.
3. ينبغي أن يساعد الطالب على الكتابة بالعربية من خلال التدريب على الترجمة من لغته الأولى إلى اللغة العربية.
4. يتم تزويد الطالب بعدد كبيرة من مفردات اللغة العربية وإنما ثورته فيها كلما تقدم في برنامج تعليم اللغة العربية كلغة ثانية.
5. إن تذوق الأدب العربي المكتوب والاستمتاع به هدف أساسي من أهداف تعليم العربية. والوسيلة الوحيدة لذلك هي ترجمة من لغة إلى أخرى.
6. إن الأمر لايقتصر على أن يلم الطالب بقواعد العربية بل يجب أن يعترف خصائص اللغة العربية بالمقارنة إلى غيرها من اللغات خاصة اللغة الأولى للدارس.
7. إن مما يتوخاه تعليم العربية كلغة ثانية، تنمية قدرات الطالب العقلية بالشكل الذي يمكنه من مواجهة مواقف التعلم المختلفة بمشكلاتها المتعددة.
ت‌.   تقويم الطريقة
في ضوء الملامح السابقة لطريقة النحو والترجمة يمكن التسجيل الملاحظات التالية:
1. محوار الاهتمام في هذه الطريقة أمران: الاتصال باللغة الثانية عن طريق الترجمة، والتمكن من قواعدها. ومن ثم تغفل كثيرا من المهارات اللغوية الأخرى التي تتعلق  بتعليم العربية كلغة ثانية.
2. القراءة والكتابة إذا يحتلان المكانة الأولى في تعليم العربية كلغة ثانية، أما استخدام اللغة العربية في الكلام، وما يستلزمه ذلك من فهم للغة المسموعة فهو أمر لا اهتمام به.
3. يرتبط بالنقطتين السابقتين نقد آخر يوجه إلى طريقة النحو والترجمة ذلك هو إغفال الفرق بين تعليم الدارس للغة وبين تعليمه عن اللغة. إن المنطلق الرئيسي في هذه الطريقة هو تثقيف الدارس وزيادة معاريفه عن اللغة، أصولها وقواعدها وطريقة الترجمة منها وإليها. أما أن تعلمه اللغة ذاتها وفي مواقف حية، فهو أمر لا توليه هذه الطريقة أهمية ما، إن لم تكن تغفله تماما.
4. استخدام اللغة الأولى للدارس عنصر رئيسي من عناصر هذه الطريقة. ولقد ثبت من الدراسات الحديثة، أن استخدام اللغة الأولى للدارس في تعلمه اللغة الثانية بكثرة عامل معوق له في إتقان هذه اللغة.
5. يقتصر تدريس اللغة الثانية وفق هذه الطريقة عادة على نشاط المعلم مع طلابه فى الفصل ومن خلال كتاب مقرر لا يحيد عنه.
6. يترتب على النقطة السابقة فقدان الدافع عند كثير من الطلاب، خاصة الممتازين منهم على تعلم اللغة. إن عدم تنوع النشاط، وتعدد أشكاله، يصيب الإنسان بالملل. ويصرفه في كثير من الأحيان عن متابعة الدرس حتى إذا لم يجد استجابة له ترك البرنامج كله.
7. يلاحظ أيضا على هذه الطريقة أن العبء الملقى على عاتق المعلم قليل ولا يتطلب منه شيئا من النشاط الإبداعي.
8. إجراءات التقويم أيضا يسيرة ومحددة. إن الأمر لا يتطلب أكثر من سؤال الطالب عن قاعدة من القواعد، أو ترجمة نص من النصوص العربية أو إليها، ولا يتطلب هذا من الخيال والابتكار ما يعجز المعلم عنه.
9. والحقيقة التي ينبغي تسجيلها هنا قبل ختام الحديث عن طريقة النحو والترجمة هي أن الدارسين الذين يتعلمون اللغات الأجنبية بواسطتها يسيطرون على مهارة القراءة والكتابة في وقت أقصر من غيرهم ممن يتعلمون هذه اللغات بطرق أخرى.

ثانيا : الطريقة المباشرة
أ‌.      نشأة الطريقة
ظهرت هذه الطريقة كرد فعل لطريقة النحو والترجمة التي كانت تعامل اللغات كما لو كانت كائنات ميتة، تخلو تماما من الحياة...ولقد ظهرت دعوات كثيرة  منذ سنة 1850 تنادي بجعل تعليم اللغات الأجنبية حية مشوقة فعالة. وطلبت هذه الدعوات بتغييرة جذرية في طرق تعليم اللغات الأجنبية. والمصطلح الذي انتشر بصورة أسرع فقد كان اسم طريقة المباشرة.[2]
ب‌.                       ملامح الطريقة
من الممكن أن نوجز ملامح الطريقة المباشرة في تعليم العربية كلغة ثانية فيما يلي:
1.  إن الهدف الأساسي الذي تنشده هذه الطريقة هو تنمية قدرة الدارس على أن يفكر بالعربية وليس بلغته الأولى.
2.  ينبغي تعليم اللغة العربية من خلال العربية ذاتها دون أية لغة وسيطة.
3. الحوار بين الأفراد يعتبر الشكل الأول والشائع لاستخدام اللغة في المجتمع الإنساني. ومن ثم ينبغي البدء في دروس العربية كلغة ثانية بحوار بين شخصين أو أكثر. على أن يشتغل هذا الحوار على المفردات والتراكيب اللغوية والمهارات المراد تعليمها للدارس.
4. يتعرض الدارس في البدايات الأولى لتعلم العربية كلغة ثانية لمواقف يستمع فيها إلى جمل كاملة ذات معنى واضح، ودلالات يستطيع الدارس إدراكها.
5. النحو وسيلة لتنظيم التعبير اللغوي وضبطه. ومن ثم يتم النحو العربي بأسلوب غير مباشر من خلال التعبيرات والجمل التي يرد ذكرها في الحوار.
6. لا يتعرض الدارس للنص مكتوب بالعربية قبل أن يكون قد ألف ما فيه من أصوات ومفردات وتراكيب.. ولا يبدأ الدارس في كتابة نص قبل أن يجيد قراءته وفهمه.
7.  الترجمة من وإلى العربية أمر ترفضه هذه الطريقة. فلا ينبغي أن تزاحم العربية أية لغة أخرى.
8. إن تنمية المهارات العقلية عند الدارس مثل القدرة على القياس، والاستقراء، واستنتاج الأفكار أمور لا تشغل بال أصحاب الطريقة المباشرة.
9. يتم شرح الكلمات والتراكيب الصعبة باللغة العربية وحدها من خلال عدة أساليب، مثل : شرح معناها، أو ذكر مرادف لها، أو ما يقابلها من كلمات (أضداد). أو ذكرها في سياق آخر. أو غير ذلك من أساليب ليس من بينها على أية حال استخدام لغة وسيطة.
10.                   يستغرق المعلم معظم الوقت في طرح أسئلة على الدارسين وفي الإجابة على أسئلتهم.
11.      يقضي معظم الوقت في تدريبات لغوية مثل : الإبدال، الإملاء، السرد القصصي، والتعبير الحر.
12.      وأخيرا فإن اهتمام هذه الطريقة بتنمية قدرة الدارس على نطق الأصوات، واكتساب مهارات الكلام يفوق اهتمامها بجوانب أخرى تهتم بها طريقة النحو والترجمة.

ت‌.                       تقويم الطريقة :
في ضوء الملامح السابقة للطريقة المباشرة يمكن تسجيل الملاحظات الآتية :
1. إنها تقدم اللغة في مواقف حية يستطيع الدارس من خلالها فهم المفدات والتراكيب .. إنها تجعل الاستخدام الفعلي للغة في الحياة أساس التعليم. وتحول معالجتها من مجرد نصوص جامدة في كتاب إلى وسيلة للتفاهم بين الناس.
2. إنها أول محاولة لاستخدام الحوار والسرد القصصي كأساس لتعليم المهارات اللغوية المختلفة.
3. إنها ترفض تماما استعمال لغة وسيطة، مما يدعم مهارات اللغة الجديدة، ويقلل من آثار التداخل اللغوي.
4. إنها تستلزم من المعلم التجديد في عرض المادة التعليمية، ولابتكار في شرح المفردات والتراكيب بالشكل الذي لا يحوجه إلى لغة وسيطة.
5. إنها الطريقة التي يعزى إليها فضل شيوع استعمال الوسائل التعليمية، وبعض الأساليب الحديثة في تعليم اللغات الأجنبية مثل الحوار، واستخدام الأسئلة والأجوبة، والتقليد، والإملاء، واستنتاج القواعد النحوية من النص.
6. يتزايد مع هذه الطريقة دوافع الطلاب على تعلم اللغة الأجنبية، بعد أن كانوا يتسربون من برامجها.
7. من مشكلات هذه الطريقة أنها تسمح للطلاب بحرية الكلام والتعبير في مواقف غير مخططة أحيانا، مما يترتب عليه انطلاق غير محمود، سواء من حيث استخدام الكلمات، أو تركيب الجمل.
8. ويترتب على هذه الأمر تعرض الدارس لمشكلات كثيرة عند بداية تعلمه للغة في شكل منظم وفي مواقف مضبوطة، إذ كان قد تعود على حرية التحدث والانطلاق في التعبير دون قيود تحده.
9. إن الرفض التام لاستخدام لغة وسيطة سلاح ذو حدين. إذ قد يواجه المعلم من المواقف ما يعجز عن توصيله لأذهان الدارسين باللغة الجديدة. وعدم استعمال لغة وسيطة لن ينتج عنه في هذه الحالة سوى خلط في مفاهيم والخطأ في التعلم.
10.      إن استعمال هذه الطريقة قاصر على المراحل الأولى، المبتدئة من تعلم اللغة.. ولا مجال لها في المراحل التالية.. وإذا كان لهذه الطريقة من فضل في تطوير تعليم اللغة الثانية للمبتدئين فلا فضل لها يذكر في تعليم اللغة الثانية للمتقدمين.
11.      إن المنطلق الذي تستند إليه هذه الطريقة نفسه محل شك، ومحور جدل طويل. فتعلم اللغة الثانية ليس متماثلا مع تعلم اللغة الأولى.. فكان الموقف التعليمي في الفصل تلقائيا تتردد فيه كلمات كثيرة. وترد تراكيب لغوية غير متوقعة.. وكأن الطالب طفل صغير يستخدم اللغة في الشارع بتلقائية لا قيود فيها.. هذا بالطبع يتنافى ما أساسيات تثبيت المادة التعليمية إذ لا حصر للتراكيب الذي ترد. ولا دراسة لمعدل تكرارها، ولا فرصة لضمان تكرارها.
12.      وتعليم التراكيب يستلزم فهم معناها، ولن يفهمها الدارس إلا من خلال السياق، إذ حرمت عليه اللغة الوسيطة.. وفهم دلالة التراكيب من خلال السياق عملية لا يدركها إلا الأذكياء من الدارسين ليس التركيب اللغوي كالكلمات التي يمكن فهمها عن طريق الربط بينها وبين ما تدل عليه. إن التركيب اللغوي شيء مجرد يرتفع بلا شك عن مستوى المحسوسات. وفهم المجردات أمر يعتمد على ذكاء الأفراد.
13.      ثم ما أكثر المشكلات التي يواجهها  المعلم نفسه عند استخدامه هذه الطريقة. ليس كل المعلم يستطيع استخدامها. إذ لا بد له أن يكون ذا ثروة لغوية فائقة في اللغة الجديدة حتى يستطيع التفكير في بدائل عندما يطلب منه إعادة شرح كلمة أو توضيح مفهوم. كما أن عليه أن يكون ذا شخصية مبتكرة تجدد دائما من أساليب عرض المادة التعليمية.
14.      ولعل إغفال هذه الطريقة لمبتدأ الترجمة من وإلى اللغة الثانية سبب من أسباب عدم الاتصال بالتراث. فضلا عما في هذا من حرمان للطالب من القدرة على ترجمة آداب الشعوب ونقل ثقافتها.

ثالثا: الطريقة السمعية الشفوية:
أ‌.      نشأة الطريقة
ظهرت هذه الطرقة استجابة لأمرين مهمين في خمسينات وستينات هذا القرن، وهما:
1. قيام عدد من علماء النفس واللغويين بدراسة اللغات الهندية غير المكتوبة بالولايات المتحدة الأمريكية.
2. تطور وسائل الاتصال بين الشعوب مما قرب المسافات بين أفرادها. وخلق الحاجة إلى تعلم اللغات الأجنبية ليس فقط لاستخدامها في القراءة وإنما أيضا لاستخدامها في الاتصال المباشر بين الأفراد بعضهم وبعض.
3. ولقد أدى ذلك إلى إعادة النظر إلى اللغة مفهوما ووظيفة. لم تعد اللغة وسيلة للاتصال الكتابي فقط أو نقل التراث الإنساني فحسب، بل أصبحت أداة لتحقيق الاتصال الشفهي. أولا بمهارتيه الاستماع والكلام. يليه الاتصال الكتابي بمهارتيه القراءة والكتابة. وترتب على هذه النظرة إلى اللغة وفي ظل الظروف الجديدة أن ظهرت طريقة حديثة لتعليم اللغات الأجنبية سميت بالطريقة السمعية الشفهية. أو نظرا لصعوبة نطق هذا الاصتطلاح وكثرة الخلط بين جزئيه، استبدله بروكس باصطلاح آخر هوAudio Lingual  ليعني تماما ما يعنيه الاصطلاح السابق.
ولقد انتهت الدراسات التي قام اللغويون أخيرا بها إلى عدة نتائج شقّت طريقها إلى تعليم اللغات الأجنبية وتركت آثارها عليه هدفا وطريقة. ويلخص لنا بولتون أهم المفاهيم التي جدت في تعليم اللغات الأجنبية في ضوء الدراسات اللغوية في أن : اللغة كلام وليست كتابة، وأنها مجموعة من العادات، وأنه ينبغي أن نعلم اللغة لا أن نعلم عن اللغة، وأن اللغة هي ما يمارسه الناطقون بها فعلا، وليست ما ينظ أنه ينبغي أن يمارس، وأن اللغات تتباين بين بعضها وبعض.[3]
كان لهذه المفاهيم أثر في ظهور الطريقة السمعية الشفوية وفي أن تكتسب الملامح التي تميزها.
ب‌.                       ملامح الطريقة
من الممكن أن نوجز ملامح الطريقة السمعية الشفوية في تعليم العربية كلغة ثانية فيما يلي :
1. تنطلق هذه الطريقة من تصور للغة مؤداه أنها مجموعة من الرموز الصوتية التي يتعارف أفراد المجتمع على دلالتها بقصد تحقيق الاتصال بين بعضهم البعض، من هنا فإن الهدف الأساسي في تعليم العربية هو تمكين غير الناطقين بالعربية من الاتصال الفعال بالناطقين بها. بما يتطلبه هذا الاتصال من مهارات مختلفة وبما يدور حوله من مواقف.
2. ينبغي المعلم في تدريس المهارات اللغوية الترتيب الطبيعي لاكتساب الأفراد لها في لغته الأولى. يكتسب الإنسان لغته الأولى، كما نعلم، عن طريق الاستماع إليها أولا. ثم تقليد المحيطين به في الكلام، فينطق بعض كلماتها، ثم يقرأ هذه الكلمات، وأخيرا يكتبها. ومن ثم نجد أن ترتيب المهارات الأربع في هذه الطريقة يبدأ بالاستماع ثم الكلام وتأتي بعدهما القراءة وأخيرا الكتابة.
3. تتبنى هذه الطريقة الأنثروبولوجيين للثقافة. إنها ليست مجرد أشكال الفن أو الأدب إنها أسلوب الحياة التي يعيشها قوم معينون يتكلمون لغة معينة. ومن ثم يصبح تدريس الأنماط الثقافية العربية أمرا لازما من خلال تدريس اللغة ذاتها. إنه من الممكن، كما ترى هذه الطريقة تقديم الأنماط الثقافية من خلال الحوار الذي يقدم في كل درس. إن من الطبيعي أن يدور الحوار حول مواقف الحياة العادية التي يعيشها الناس مثل تناول الطعام، وأسلوب التحية، والسفر، والزواج غيرها من أنماط ثقافية مختلفة. وكذلك في مواد القراءة الموسعة، حيث يقدم للدارس نصوص وموضوعات حول مواقف ثقافية معينة.
ت‌.                       تقويم الطريقة
في ضوء الملامح السابقة للطريقة السمعية الشفوية يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
1. تنطلق هذه الطريقة من تصور صحيح للغة ووظيفتها. إنها تولي الاتصال بين الناس الأهمية الكبرى في تعليم لغات بعضهم للبعض. ولا شك أن الاهتمام بمهاري الاستماع والكلام في تعليم اللغة الثانية أمر يتفق مع ظروف المجتمع الإنسان المعاصر حيث تقدمت وسائل المواصلات وتعددت حاجات الناس بعضهم لبعض وأصبح الاتصال المباشر بينهم أمرا ليس فقط يسيرا وممكن التحقيق بل واجبا في حالات كثيرة.
2. إن الترتيب الذي يتم به تدريس المهارات اللغوية الأربع استماع فكلام فقراءة فكتابة، ترتيب يتفق مع الطريقة التي يتعلم الإنسان بها لغته الأولى.
3. تشبع هذه الطريقة كثيرا من الحاجات النفسية عند الدارسين من حيث تمكينهم من استخدام اللغة وتوظيفها. إنها في وقت قصير تمكن الدارس أن يعرف نفسه للآخرين. وأن يبادلهم التحية بلغتهم. وأن يسأل أسئلة بسيطة عنهم. وغير ذلك من مواقف يستطيع الدارس السيطرة عليها وإدارتها بكفاءة. وهذا بلا شك يشبع عند الدارسين الحاجة إلى الإحساس بالنجاح وإنجاز ما يطلب منهم. فضلا عن جعل اللغة شيئا ذا معنى في حياتهم المباشرة وليست مجرد رموز مكتوبة لا يعرفها إلا من خلال الكتب وفي أضابير التراث.
4. إن تعليم اللغة من خلال اللغة ذاتها وليس من خلال لغات أخرى أمر يُحمَد لهذه الطريقة. ويحرص أنصار هذه الطريقة على إعداد تدريبات لغوية متنوعة الأشكال متعددة الأهداف. ولا شك أن التدريبات النمطية من شأنها يثبيت المهارات اللغوية. وتمكين الدراس من الممارسة الصحيحة للغة.
5. إن استخدام الوسائل المعينة والإنشطة التربوية أمر لازم في هذه الطريقة، إن من المعروف أن الوسائل التعليمية تنقل إلى الطالب الخبرة في شكل يعوضه عن عدم اتصاله المباشر بها.
6. يتطلب الناجح في تعليم اللغة وفق هذه الطريقة أن يكون المعلم ذا كفاءة عالية وقدرة على الابتكار فائقة.
7. يغالي بغض المعلمين الذين يطبقون هذه الطريقة في استخدام قانوني المحاكاة والتكرار. ويطلبون من الفترة التي يحاكي الدارس فيها أنماطا لغوية لا يفهم معناها، ويكرر ألفاظا أو تعبيرات لا يدرك دلالاتها.
8. قد تؤدي المغالاة أيضا في التقليد دون فهم الجوانب المتعلقة بانمط اللغوي المحاكي إلى التعميم الخاطئ من جانب الدارسين.
9. لعل مما يرتبط بالنقطة السابقة مشكلة تدريس كل من النحو والثقافة في هذه الطريقة. إن تدريس القواعد النحوية في هذه الطريقة لا يحظى باهتمام كبير. إن القاعدة يتم شرحها من خلال ترتيب لغوي ورد في الحوار الذي يدرسه الطالب. ولقد لوحظ أنه يحدث إغفال في كثير من الأحيان لبعض القواعد الأساسية، حيث لم ترد بشكل طبيعي. ومنطقي في الحوار، كما لوحظ التعسف أحيانا في التعبيرات التي يشتمل عليها الحوار حتى يتم إدخال التراكيب ذات القواعد المراد شرحها. كذلك في تدريس الثقافة، حيث تولي هذه الطريقة مواقف الحياة المادية  اهتمامها دون التركيز على الشكل الراقي للثقافة إي الأدب والفن والموسيقي.
رابعا : طريقة القراءة
أ‌-   نشأة الطريقة
يرجع التفكير في هذه الطريقة إلى عدد من المتخصصين في تعليم اللغات الأجنبية في الربع الأول من القرن العشرين. إذ نشر مايكل وست كتابه Bilingualism With Special Reference to Bengal.
وقد تناول في هذا الكتاب قضية تعليم اللغة الإنجليزية في الهند. وبين أن الناس في الهند أشد حاجة لتعلم القراءة ولانطلاق فيها من غير حاجة للتحدث بالإنجليزية بالإضافة إلى أنها أيسر في التعليم. وقد بدأ وست بالفعل في تأليف كتب تعليم القراءة مستندا إلى قائمة ثورنديك في اختيار مفرداته وضبط عددها. ولقد كانت رابطة تعليم اللغات الحديثة في أمريكا قد أعدت تقريرا حول تعليم اللغة الأجنبية خصص الجزء الثاني عشر منه للحديث عن طرق تعليم هذه اللغات. ولقد كتب هذا الجزء كولمان سنة 1929. وفيه اقترح إعداد برنامج للقراءة الموسعة باعتبار أن القراءة يمكن تنميتها بطريقة أسرع، كما يمكن الوقوف على مدى التقدم فيها بطريقة أدق.[4]
ولقد انتشرت في ظروف كان محور العمل فيها تقديم المادة المطبوعة في اللغة الأجنبية للدارس من بداية تعلمه لهذه اللغة دون محاولة لترجمتها. وعليه أن يقرأ حتى يحصل على المعنى.
ب‌-                    ملامح الطريقة :
من الممكن إيجاز أهم ملامح طريقة القراءة فيما يلي :
1. تبدأ هذه الطريقة عادة بفترة يتدرب الطلاب فيها على بعض المهارات الصوتية. فيستمعون لبعض الجمل البسيطة. وينطقون بعض الأصوات والجمل. حتي يألفوا النظام الصوتي. انطلاقا من مبدأ مؤداه، أن الصورة التي يكونها المرء عن النظام الصوتي للغة سوف تسهم في تنمية مهاراته في الاتصال برموزها على الصفحة المطبوعة.
2. بعد أن يتدرب الطالب على نطق جمل معينة. يقرؤها في نص. ويعمل المدرس على تنمية بعض مهارات القراءة الصامتة عند الطلاب. 
3.  بعد ذلك يقرأ الطلاب هذا النص قراءة جهرية متبوعة بأسئلة حول النص للتـأكد  من فهمه.
4. تنقسم القراءة من بعد ذلك إلى نوعين : قراءة مكثفة وموسعة لكل منهما هدفه ولكل إجراءاته. فالقراءة المكثفة تأخذ مكانها بين جدران الفصل وتهدف إلى تنمية المهارات الأساسية للقراءة وما تحتاجه هذه المهارات من ثروة لفظية ومعرفة بالقواعد النحوية.. وفي هذا النوع من القراءة تنمي مهارات فهم المقروء عند الدارس تحت إشراف المعلم في الفصل .. فيراقب تقدمه ويقف على الصعوبات التي تواجهه ويساعده على تذليلها.
5. أما بالنسبة للقراءة الموسعة فتتم خارج الفصل. صحيح أن المعلم يوجه الطلاب لها ويحدد لهم ما يقرؤونه ثم يناقشهم فيه.. إلا أن العبء الأكبر يقع على الطلاب أنفسهم.
6. وأخيرا يسهم هذا النوع من القراءة الموسعة في وصل الطالب بالتراث العربي وفي قراءة كتبنا وفنوننا ومن ثم يزداد فهمه للثقافة العربية وتقديره لها.
ت‌-                    تقويم الطريقة :
في ضوء الملامح السابقة لطريقة القراءة يمكن تسجيل الملاحضات التالية :
1. ليس في هذه الطريقة جديد كثير. إن أساسيات العمل في بعض طرق التدريس الأخرى توظف في هذه الطريقة. ولعل تركيزها على مهارة القراءة هو ما أعطاها نكهة تختلف بها عن غيرها..
2. لا ترفض هذه الطريقة استعمال اللغة الوسيطة أو الترجمة من لغة إلى أخرى. وهذا، كما قلنا في النقطة الأولى، مأخوذ من طريق النحو والترجمة..
3. تتبع فى هذه الطريقة خطوات شبيهة إلى حد ما بما يتبع في تعليم اللغة الأولى. فتدريس القراءة في البرنامج تعليم العربية كلغة ثانية خاصة في المستويات المتقدمة يشبه تعليم القراءة في برامج تعليم العربية كلغة الأولى.
4. ينسب لهذه الطريقة الفضل في وضع ضوابط لتقديم المادة التعليمية. فليست كل كلمة ولا أي جملة بالتي تجد مكانا في الدرس.. من هنا بدأ ضبط المفردات وعدد تكرارها وظهر استخدام قوائم المفردات في مثل هذا الأمر.
5. لم تنشأ هذه الطريقة استخجابة لتغييرات في المفاهيم اللغوية، أو نظريات علم النفس. وإنما ظهرت الحاجة إليها من منطلق عملي. إذ كانت حاجة الدارسين لتعلم القراءة باللغة الثانية أشد من حاجتهم لغيرها من المهارات. وهذا كان منطلق ما يكل وست للتفكير في هذه الطريقة. الطريقة إذا استندت إلى أساس نفعي عملي وليس على أساس فلسفي نظري.
6. قدمت هذه الطريقة لميدان تعليم اللغة الثانية تجربة رائدة من حيث إمكانية اعداد برامج لتعليم هذه اللغة انطلاقا من أغراض خاصة، وهي هنا تعليم القراءة.
7. ينسب لهذه الطريقة أيضا الفضل في التفكير في مجموعة كتب للقراءة الإضافية. والتي تبني على أساس بتدرج يبدأ بما حصله الطالب في الفصل منميا بعد ذلك رصيده ومقدما له مادة مطبوعة يستمتع بها بقدر ما يثري بها لغته.
8. القراءة الآن مطلب من مطالب التقدم عند الإنسان المعاصر. فالمطابع تخرج كل يوم آلاف إن لم يكن ملايين المطبوعات. وإذا لم يكن الفرد مزودا بالقدرة على القراءة تخلّف عن ركب الحاضارة. وطريقة القراءة بلا ريب تطرق هذا الباب، إذ تيسر للطالب إمكانبية الاتصال بالمواد المطبوعة حين تزوده بمهارات القراءة.
9. تسهم هذه الطريقة في تنمية الإحساس بالتقدم الذاتي. إذ يترك لكل طالب الحق في قراءة مواد القراءة الموسعة. في الوقت الذي يريد. وبالكمية التي يقدر عليها. ثم يتدرب على تقويم نفسه بنفسه. وكما نعلم فإن التدرب على التقويم الذاتي أمر يحتاجه كل متعلم في عصرنا الراهن.
10.      مع كل ما سبق، فلهذه الطريقة مثالب. منها أن اعتبار القراءة المهارة الأساسية التي يدور حولها تعليم العربية كلغة ثانية قد يأتي بعكس ما يرجى منها، عندما يكون الدارس نفسه مفتقرا إلى مهارات القراءة في لغته الأولى. إن صعوبات القراءة باللغة الأولى تنقل بدورها عند القراءة باللغة الثانية.
11.      يضاف إلى هذا أن مواد القراءة الموسعة تستلزم من الكفاءة في الإعداد ما يضمن لها تحقيق هدفها، سواء من حيث اختيار الموضوعات التي تهم الدارسين، أو من حيث ضبط المفردات التي نحشد بها النصوص، أو من حيث التحكم في التراكيب أو غير ذلك من جوانب.
12.      والقول نفسه يصدق على الطرف الآخر من القضية. فقد يحكم المؤلف قواعد التأليف وضط المفردات، والسيطرة على التراكيب. فلا يزيد أبدا على ما درسه الطالب في القراءة المكثفة. ويقرأ الطالب هذه الموضوعات فلا يجد صعوبة فيها. ولا يجد تحديدا له ويسير الأمر سهلا حتى ينمى لديه انطباع زائف Impression false  على حد تعبير وليجا ريفرز بأنه مرتفع المستوى من حيث مهارته في القراءة. إننا نشك في أن كل دارس بالمستوى الابتدائي قادر على أن يتصل بسهولة ويسر بكتب القراءة الإضافية.
ومحور القول هنا أن الطالب قد يجد المادة صعبة فيشعر بالإحباط. وقد يجدها سهلة فيشعر بالغرور. وكلا الأمرين انطباع زائف عن مستواه اللغوي.
13.      إن الحجة التي يستند إليها أنصار طريقة القراءة هي أنها أنفع طريقة لتزويد الطالب ما يلزمه من مهارات في اللغة الثانية. وفي برنامج محدود الزمن. إنها تسلحه بما يمكن أن ينطلق به بعد ذلك في حياته عند ما يترك هذا البرنامج قصير الزمن.
14.      وأخيرا .. فإذا كانت طريقة القراءة قد نجحت في فترة ما بعد تقرير كولمان الذي أشرنا إليه، وفي مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية.. فإن الطريقة نفسها قد وُجّهت إليها سهام النقد. وبدأ العزوف عنها ينتشر بعد أن نشأت الحاجة إلى الاتصال الشفوي بالناطقين بلغات أخرى. وبعد أن تزايد اهتمام الناس في بلد كالولايات المتحدة بتعلم مهارتي الاستماع والكلام لتحقيق الاتصال الفعلي بالناس وليس مجرد قراءة تراثهم.

خامسا : الطريقة المعرفية :
أ‌-     نشأة الطريقة
تتردد بخصوص هذه النظرية عدة مصطلحات، منها : النظرية المعرفية، ومنها النظرية المعرفية لتعلم الرموز اللغوية. ويترجمها البعض بنظرية الفهم وحل الرموز اللغوية. ومنها المدخل المعرفي لتكوين العادات.
ولقد بدأ التفكير في هذه النظرية في منتصف الستينات كرد فعل لأمرين : أولهما النقد الشديد الذي وُجّه للطريقة السمعية الشفوية، وثانيهما ما استجد من دراسات لغوية خاصة في مجال النحو التحويلي التوليدي ومن دراسات نفسية خاصة في مجال علم النفس المعرفي. ولقد استعرض كارول في دراسة موسعة له نشرت في مجلة  Modern Language Journal ( MLJ)  تقول إن كارول استعرض في دراسته تلك إسهامات نظريات علم النفس والبحث التربوي في مجال تعليم اللغات الأجنبية، وقدم في هذه الدراسة فكرة النظرية المعرفية لتعلم الرموز. ملخصا إياها في عبارة مؤداها : أنه بمجرد أن تتوفر لدي الطالب درجة من السيطرة الواعية على تراكيب لغة ما، فسوغ تنمو لديه إمكانات استعمالها بسهولة ويسر في مواقف ذات معنى. ويعني هذا ببساطة أن التعلم يصير اكتسابا.[5]
ولقد قارن كارول بين مبادىء الطريقة السمعية الشفوية، ومبادئ النظرية المعرفية، وبين تصور هذه النظرية لعملية تعلم اللغة. في قوله "إن تعلم اللغة إنما هو العملية الذهنية الواعية لاكتساب القدرة على السيطرة على الأنماط الصوتية والنحوية والمعجمية للغة الثانية. وذلك من خلال دراسة وتحليل هذه الأنماط بوصفها محتوى معرفيا" (Carroll, J. B. 21, 21)
ب‌-                      ملامح الطريقة
من ممكن أن نوجز أهم ملامح الطريقة المعرفية في تعليم العربية كلغة ثانية فيما يلي:
1. تحرص هذه النظرية على تعريف الطالب بالنظام الصوتي والنحوي والصرفي والدلالات العربية كلغة ثانية. فالأساس الأول لتمكين الطالب من ممارسة العربية هو أن يسيطر بوعي على نظامها متفهما له مستوعبا لحقائقه.
2. يبدأ الدرس بشرح القاعدة ثم ضرب أمثلة عليها. أي تتبع الطريقة الاستنباطية في تعليم اللغة. ةالهدف من هذه الأمثلة تدريب الطالب على تطبيق القاعدة بشكل واع.
3. يتبع هذه التدريبات أوجه نشاط لغوي أخرى تحت اسم الكفاية الاتصالية. ومن المعروف أن هذا المصطلح يستخدم في مجال النظرية التحويلية الابتكارية. إلا أنه في النظرية المعرفية لتعلم الرموز فيعتبر مرادفا لكلمة طلاقة. هذه الأنشطة تقدم في مواقف ذات معنى. وتشتمل على حوارات وألعاب لعب الدور وغيرها.
4. تستخدم اللغة الوسيطة بالطبع منذ حصة الأولى. إذ يتم عن طريقها شرح القاعدة وتوضيح أبعاد النظام اللغوي للعربية باعتباره جديدا على الدارسين.
5. ليس الهدف من تدريس القواعد حصر المواقف التي يمكن أن يمر بها الطالب ومن ثم تدريبه عليها. فهذا أمر لا يمكن حدوثه. الهدف هو تدريب الطالب على الاستخدام الواعى للقاعدة في مواقف جديدة يصعب التنبئو بها ويتعذر حصرها. الأمر يشبه التدريب على عمليات حسابية.
6. كذلك الحال في الكفاءة اللغوية. هي لا تقاس بقوة ذاكرة الفرد في ترديد ما سمع فحسب، بل في قدرته على تطبيق قاعدة تعلمها على عدد لا يحصى من الأمثلة في اللغة سماعا وابتكارا وإنتاجا (صلاح عبد المجيد العربي. 7 . ص، 27).
7. من حيث الحوار، لا تعلن هذه النظرية رأيا مطلقا بشأنه. وليس جزءا أساسيا من أجزاء الدارس فيها. إلا أنه قد يكون له دور عند البدء في الأنشطة اللغوية التي تعقب التمرينات.
8. على المعلم تنمية القدرات الذهنية عند طلاب في مجال تعلم اللغة.. عليه أن يدربه على أسس الاستنتاج، وقواعد الاستقراء، ومجالات التطبيق، ومبادىء التعميم. وذلك بالطبع من خلال شرح مفصل للقواعد. وتفسير لها حتى تتضح في ذهن الطالب.. إن التعلم الواعي لقواعد اللغة شرط أساسي لممارستها. والفهم لا بد أن يسبق الاستخدام..
9. تصحيح الأخطاء جزء لا يتجزأ من النشاط اللغوي في الفصل. إن من المتوقع أن يستخدم الطالب اللغة بمجرد وعيه بقواعدها. ومن المتوقع أيضا أن يكون استخدامه للغة دقيقا. إلا أن هذا بالطبع يجعل توقع الخطأ أمرا لا مفر منه. والخيار الآن بين أمرين : إما أن ينطلق الطالب فى استخدام اللغة وقد يخطئ وإما أن نقيد حركته حرصا عليه من أن يخطئ.
10.       يساعد المعلم الطالب على تكوين أكثر قدر من التداعيات المرتبطة بكل ظاهرة لغوية يتعلمها. سواء أكانت سمعية، أو بصرية، أو حركية. ليضمن بذلك جودة التعلم  والقدرة على الاحتفاظ به وفي كل هذه المواقف يقوم المعلم بإبراز الملاامح الأساسية لكل ما يتعلمة الدارس.
11.       يمر تعليم العربية في ضوء هذه النظرية بخط واحد يبدأ بالفهم الواعي، وينتهي بالممارسة وبدراسة التراكيب مجردة ليراها بعد ذلك مستعملة في سياق.
12.       ينعكس هذا بالطبع على إعداد المواد التعليمية. فالكتاب المؤلف حسب هذه النظرية يسير على منهج الاستنباطي (أو الاستنتاج أو القياسي). فيبدأ بعرض التراكيب والدلالات والوظائف ثم التدريبات ثم القراءة.
13.       والخطة تيسر في خطوات محددة تبدأ بعرض مادة جديدة وتمرينات عليها. ثم بأنشطة لغوية تطبيقية. كل المهارات تُعلَّم في وقت واحد. يبدأ المعلم إذن بعرض المادة المراد تعليمها للدارس. ثم التعرض لموقف اتصال يستعان فيه بالصورة. ويطبق الدارس ما تعلمه من خلال مواد تعليمية قرائية واستماعية صممت لهذا الغرض.
ت‌-                      تقويم الطريقة
في ضوء الملامح السابقة للطريقة المعرفية يمكن تسجيل الملاحظات التالية :
1. تولي النظرية المعرفية لتعلم الرموز الصوتية اهتماما لتعليم المهارات اللغوي الأربع في وقت واحد. وهي بذلك تخالف كلا من طريقتي النحو والترجمة، والسمعية الشفوية، اللتين توليان اهتماما بمهارات لغوية على حساب أخرى.
2. تعتبر السيطرة على نظام اللغة شرطا لممارستها، ونظام اللغة هنا لا يعني القواعد النحوية فقط، وإنما يشمل نظامها الصوتي، وقواعدها النحوية، وأنماط مفرداتها. والتأكيد على ضرورة هذه السيطرة يستلزم إعادة النظر في مدخلات العملية التعليمية عند تدريس لغة ثانية. إنها مدخلات ينبغي أن يتوفر فيها عنصر الفهم. وهذا من شأنه أن يساعد الفرد على التوظيف الأمثل لكفاءة قدرته العقلية في تعلم اللغة.
3. يضمن لنا هذا الأمر أن تكون ممارسة الفرد للغة ممارسة واعية. وليست تكرارا آليا لتدريبات نمطية.
4. تستند هذه النظرية إلى مجموعة من المنطلقات المشجعة على تعلم اللغة. ولنأخذ أمثلة من هذه المنطلقات :
-        يمكن لكل فرد أن تتوفر لديه إمكانات التعلم الواعي.
-        إن كافة القواعد يمكن تعلمها.
-        إن المعرفة الواعية ينبغي أن تتوفر "لكل طالب" في كل وقت.
ومثل هذه المنطلقات يزيد من ثقة الطلاب في تعلم اللغة الثانية ومن دافعيتهم لمواصلة ذلك.
1. انطلقت هذه النظرية في نقدها للطريقة السمعية الشفوية من نتائج دراسات حديثة في مجال اللغويات وفي مجال علم النفس المعرفي.
2. ولقد أسهمت هذه النظرية في إلقاء الضوء على نتائج هذه الدراسات مبينة تطبيقاتها التربوية. ولقد غير هذا بلا ريب من وجهة النظر لقضية تعلم اللغة الثانية وتعليمها في الستينات. وحوّل مجالات الاهتمام إلى جوانب لم تلتفت إليها الطرق الأخرى. لقد استطاع كارول توظيف نتائج الدراسات اللغوية والنفسية تزظيفا جيدا وأقام نوعا من المركب الجديد لنظريتين هنا : نظرة تكوين العادات والنظرية المعرفية لتعلم الزموز اللغوية. بل لقد أسهمت هذه النظرية في إبراز بعض الجوانب أو الملامح القيمة فيكل من طريقتي النحو والترجمة والسمعية الشفوية.
3. تنسب وليجا ريفرز لهذه النظرية أنها ليست طريقة متكاملة من طرق تعليم اللغات الثانية. وقد عرضنا في فصل سابق تصورها لهذه القضية. كما أن هناك خبراء آخرين لا يرون جديدا في هذه النظرية، سوى أنها أعادت التوازن بين بعض أشكال تعلم اللغة.
4. تلتزم هذه النظرية بالمنهج التقليدي المبني على الاستنتاج في تعلم اللغة. وهذا المنهج نفسه قد واجهته انتقادات كثيرة. وقد عارضته الطريقة المباشرة التي تستند إلى الاستقراء. ولذلك تشبه وليجا ريفرز هذا الأمر بأنه متصل Continuum  في أحد طرفيه استنتاج وفي الآخر اتقراء. ويمكن توضيح هذا الأمر بالرسم التالي:
Deductive
Inductive
طريقة النحو والترجمة
طريقة المباشرة

 







والنظرية المعرفية لتعلم الرموز اللفوية تقف مع طريقة النحو والترجمة عند أحد طرفي المتصل.
5.  إن المبالغة في الجوانب العقلية لتعلم اللغة، وضرورة السيطرة الواعية على نظامها الصوتي النحوي والدلالي يجعل مهمة المعلم إلى حد ما صعبة. إذ يستلزم هذا أن يكون المعلم نفسه على قدر كبير من الإلمام بهذا النظام والقدرة على شرحه بلغة الطلاب، وقد لا يكون مجيدا لها..
6. كما أن التركيز على القواعد اللغوية وضروروة استيعابها قد يقلل من النظرة إلى المهارات اللغوية الأخرى. ويضعف من التركيز عليها خاصة مهارات الاتصال الفعلي. إن الاهتمام بشكل القاعدة وضرورة اساتيعابها قد يكون على حساب تمثل المعاني المرتبطة بالوقف الاتصالي. وهذه المعاني هي ما يطرأ على ذهن المتكلم حين يرسل رسالته في ذهن السامع حين يستقبلها.
7. وأخيرا فإن المعلم في هذه النظرية قد لا يوجه انتباهه للعادات الوظيفية المطلوبة لتحقيق الاتصال. ولا يلتفت إلى الجوانب غير اللفظية (أو ما يسمى باللغة الجانبية Paralinguistic) المؤثرة على موقف الاتصال.



[1] رشيد أحمد طعيمة، "تعليم العربية لغير الناطقين بها"، مطبوعة بجامعة المنصورة، 1989م، مصر، ص: 127
[2] رشيد أحمد طعيمة، "تعليم العربية لغير الناطقين بها"، مطبوعة بجامعة المنصورة، 1989م، مصر، ص:129
[3] رشيد أحمد طعيمة، "تعليم العربية لغير الناطقين بها"، مطبوعة بجامعة المنصورة، 1989م، مصر، ص:133
[4] رشيد أحمد طعيمة، "تعليم العربية لغير الناطقين بها"، مطبوعة بجامعة المنصورة، 1989م، مصر، ص:136
[5] رشيد أحمد طعيمة، "تعليم العربية لغير الناطقين بها"، مطبوعة بجامعة المنصورة، 1989م، مصر، ص:140

1 komentar: