Minggu, 31 Mei 2015

الحدث الكلامي (Speech Event) والفعل الكلامي (Speech Act) والبرجامتية (Pragmatic)


‌أ.                 الحدث الكلامي (Speech Event)
1.    تعريف الحدث الكلامي
         الحدث الكلامي هو عملية حدوث التفاعل اللغوي باحداث الأصوات الكلامية لتكوين كلمات أو جمل لنقل المشاعر والأفكار من المتكلم إلى السامع. فالتفاعل بين البائع والمشترى في السوق بالاستخدام لغة معينة، والحوار بين المحاضر والطلاب في الممحاضرة من الأحداث الكلامية[1].
2.       ملاحظات الجوانب
         يحدد الشخص معنى الحدث الكلامي يقوم بملاحظات الجوانب الآتية:[2]
(أ‌)                ملاحظة الجانب الصوتي قد الذي يؤثر في المعنى، مثل وضع الصوت مكن آخر، ومثل التنغيم والنبر.
         المثل في قول تعالى:"قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين. قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه". جملة "قالوا جزاؤه" له تنغيم بنغمة الاستفهام و جملة "من وجد في رحله فهو جزاؤه" بنغمة التقرير سيقرب معنى الآيات إل الأذهان، وتكسف عن مضمونة.
(ب‌)           دراسة التركيب الصرفي في الكلمة وبيان المعنى الذي تعدّية صيغتها.
         المثال كلمة "استغفر". ولايكفي لبيان المعنى "استغفر" بيان معناها المعجمي المرتبطة بمادتها اللغوية (غ ف ر) بل لا بد أن يضمّ إلى ذلك معنى الصيغة أي وزن "استفعل" أو زيادة الالف والسين والتاء التي تدل على الطلب.
(ت‌)           مراعاة الجانب النحوي أو الوظيفة النحوية لكل كلمة داخل الجملة
         المثال: "طارد الكلبُ القطَّ" .هذه الجملة التي لم يؤد تغيير مكان الكلمات فيها (تغيير الوظيفة النحوية) إلي تغيير المعنى ما كان هناك فرق بين قولك "طارد القطَّ الكلبُ ". كذلك قد تتفق كلمات الجمل المتشابهة، ولكن يكون الاختلاف في توزيع المعلومالت القديمة (الموضوع) والجديدة (المحمول) مثل:
         الثَعْلَبُ السَّرِيْعُ كاد يقتنص الأَرْنب
         الثَعْلَبُ البنيِّ الذي كاد يقتنص الأَرْنب كان سريعا
         الثَعْلَبُ السَّرِيْعُ الذي كاد يقتنص الأَرْنب كان بُنِّيا
(ث‌)           بيان المعاني المفردة للكلمات، وهو ما يعرف باسم المعنى المعجمي.
         ومن الممكن أن يوجد المعنى المعجمي دون المعنى النحوي كما في الكلمات المفردة، وكذلك أن يوجد المعنى النحوي دون المعجمي كما في الجمل التي تركّب من كلمة عديمة المعنى. مثل: "القرعب شَرِبَ البنع".
         بل من الممكن ألا يوجد للجملة معنى مع كون مفرداتها ذوات معان. وذلك إذا كانت معاني الكلمات في الجملة غير مترابطة. مثل: "الأفكارُ عديمة اللون غاضبة"
(ج‌)           دراسة التعبيرات التي لا يكشف معناها بمجرّد تفسير كل كلمة من كلماتها، والتي للا يمكن ترجمتها حرفيا من لغة إلى لغة وذلك.
         ومثل البيت الأبيض في الولايات المتحدة، ومثل التعبيرات: (Yellow Press)  للصحافة المعنية بالفضائح والأخبار المثيرة.
3.       معرفة سياق المواقف
         وزاد بعضهم أن تحديد معنى الحديث الكلامي يحتاج أيضا إلي معرفة سياق المواقف الذي دار حوله الحديث، ومن عناصره:[3]
(أ‌)               الكلام الفعل: أي دار خلال الموقف.
(ب‌)          طبيعة المتكلمين: أي المتحدثون الذين دار بينهم الحديث ومعرفة كل واحد منهم، هل هو مدير يخاطب أحد موظفية، أم أب يكلم ابنه، أم بائع يحدث زبونه.
(ت‌)          طبيعة الأشياء المتحدَّث عنها: أي الكلام يدور عن ماذا. مثل قول شخص لزميله "هل أحضرْتَ الورقة؟" فيجيب "الوقت غير مناسب". فيبدو أن الجواب هنا لا يناسب السؤال ولكن لو عرفتَ المتكلّمين وطبيعتهم وطبيعة الشيء المتحدَّث عنه لفهمتَ الكلام.
(ث‌)          الأفعال المصحابة للكلام:  يجب أن تري المتكلم أو يوصف كيف كان يتكلم. هل كان يبدو عل ملامحة أو المرح أو الرضا أو الضجر أو المزاح. لا بد أن ترى التعبيرات المصاحبة للكلام على وجه المتكلم.
(ج‌)           زمن الكلام: في أي وقت كان وقت الكلامي مثل جوابك لمن أراد أن يسكب لك "عندي موعد في الساعة السابعة... إن القهوة تطرد النوم" فإن قلتَ هذا ولم يبق بينك وبين هذا الموعد إلا ساعة فأنت تريد المزيد من القهوة، وإن قلتَ هذا بينك وبين موعدِك سبع ساعات فيفهَم  من كلامك أنّك لا تريد المزيد.
‌ب.                      الفعل الكلامي   (Speech Act)
الفعل الكلامي هو فرع من علوم اللغة تبحث عن اللغة من جهة استعمالها الفعلية،  أو The things we actually do when we speak[4].
ذكر فيلوسف أكسفورد أوستين (Austin) في كتابه الصغير المشهور How To Do Things With Words  (الذي طبع ونشر بعد وفاته)، ذكر أن هناك عددا من العبارات المنطوقة لا يخبر ولا يعرض أي شيء، وبناء على هذا فهو ليس (صادقا ولا كاذبا)، لكن النطق بالجملة هو حدث أو جزء من حدث[5]. ولقد بدأ أوستين هذا الإتجاه للتمييز بين الأقوال والأفعال في محاضرات كان يلقيها في أكسفورد مند عام 1941 واعتبر أن القول نوع خاص من أنواع الفعل حسب المعنى الخاص للقول، إن شيئا ما هو المقصود من قبل المتكلم، ويجل أن ننبه إلى جانب آخر من هذه النظرية وهو أنها اعتبرت القول فعلا يتم ضمن إطار من الأعراف والمعايير الإجتماعية التي تلتزم بها الجماعة اللغوية في عملية التواصل ولا تخرج عليها لأسباب خاص.
1.    تعريف الفعل الكلامي وأقسام  الفعل الكلامي
ويقصد بالفعل الكلامي هو القيام بعملية إحداث الأصوات الكلامية لتكوين كلمات وجمل لنقل المشاعر والأفكار من المتكلم إلى السامع. وله ثلاثة جوانب[6]:
1.                الفعل الصوتي (Locutionary act) وهو مجموع الأصوات والكلمات التي نسمعها عندما نقول شيئا له معنا معين. هو يسمي الفعل اللفظي الذي عنده معنى أصلي[7].
2.                أثر الفعل الصوتي على السامع (Perlocutionary act)، هو الفعل التأثيري أي الحدث التأثيري أي الحدث قوة الأثار وهو يقصد به الآثر الذى يحدثه الفعل الإنجازى في السامع[8].
3.                الفعل المقصود من القول (Illocutionary actهو الفعل الإنجازي  أي الحدث غير التعبيري وهو ما يؤدية الفعل اللفظى من معنى إضافى يكمن خلف المعنى الأصلى[9].
ويقصد به القيمة الاجتماعية للقول، أي كيف يفهمه الآخرون.
مثال قال أحدهم لآخر: " آسف، لم أستطع لظرف طارئ"
-                الفعل الصوتي: الجملة التي سمعناها وهي جملة خبرية.
-                أثر الفعل: قد يقول المستمع: "لا بأس" أو " كنا نحب أن تكون معنا"، أو "لقد افتقدناك" وقد يهز رأسه دون أن يقول شيئا.
-                الفعل المقصود: الاعتذار.
مثال آخر، قال أحد لصديقه:" عظم الله أجركم". فإنه قد أدى فعل التعزية.
-                الفعل الصوتي: الجملة التي سمعناها وهي جملة إنشائية.
-                أثر الفعل: قد يقول الصديق: " شكر الله سعيَكم" أو "بارك الله فيكم" ، أو الصمت أحيانا.
-                الفعل المقصود: التعزية أو المواساة.
نلاحظ مما سبق أن المقصود من الكلام قد يكون مباشرا أو غير مباشر. يكون المقصود مباشرا عندما نستخدم الكلمة أو الفعل الصريح الذي يدل على هذا الفعل كأن نقول: "أشكرك" لتحقيق فعل الشكر. وأما المعنى غير المباشر فهو ما يفهم من العبارة أو القول غير المعنى الحرفي.
وقد جعلها سيرلي (Searle) خمسة أصناف أيضا[10]:
1-  الإخباريات (Assertives)
         وغرضها الإنجازي فيها هو وصف المتكلم واقعة معيّنة من خلال قضية (Proposition)  وأفعال هذا الصنف كلها تحتمل الصدق والكذب واتجاه المطابقة فيها من الكلمات إلى العالم (Words To World) وشرط الإخلاص فيها يتمثل في النقل الأمين للواقعة والتعبير الصادق عنها.
2-  التوجيهات (Directives)
         وغرضها الإنجازي محاولة المتكلم توجيه المخاطب إلى فعل شيء معين. واتجاه المطابقة فيها من الكلمات إلى العالم (Words To World) وشرط الإخلاص فيها يتمثل في الرغبة الصادقة، ويدخل في هذا الصنف الأمر والنصح والاستعطاف والتشجيع.
         مثل من استجابة المخاطب للمتكلم "أتمنى أن ترجعي إلى قريتك". المثل يدل على التوجيه بالنصح.
3-  الالتزاميات (Commisives)
         وغرضها الإنجازي هو التزام المتكلم بفعل شيء فى المستقبل. واتجاه المطابقة فيها من الكلمات إلى العالم (Words To World) وشرط الإخلاص هو القصد (Intention) ويدخل فيها الوعد والواصية.
          مثل من الحوار:
 ماريانا          : الطبيب شجعنى هذه المرة فوعدته بألاّ أحمل هما.
عامر وجدى    : جميل ألاّ أحمل هما.
        جملة "الطبيب شجعنى هذه المرة فوعدته بألاّ أحمل هما" تدلّ على الحدث غير التعبيري الالتزامي بالوعد.

4-  التعبيريات (Expressives)
         وغرضها الإنجازى هو التعبير عن الموقف النفسي تعبيرا يتوافر فيه شرط الإخلاص وليس لهذا الصنف اتجاه مطابقة. فالمتكلم لا يحاول أن يجعل الكلمات مطابقة للعالم  ولا العالم مطابقا للكالمات (Words To World) ويدخل فيها الشكر والتهنئة والاعتذار والمواسة.
          مثل:     ماريانا          : كان بنسون السادة
                فقلت مواسة
                عامر وجدى    : سبحان من له الدوام
5-  الإعلانيات (Declarations)
         والسمة المميزة لها أن أداءها الناجح يتمثل في مطابقة محتواها القضوى للعالم  الخارجي، فإذا أديت فعل إعلان الحرب أداءً ناجحا فالحرب معلنة، وثمة  سمة أخرى مميزة هي أنها تحدث  تغييرا في الوضع القائم فضلا عن أنها تقتضى عرفا غير لغوي واتجاه المطابقة فيها من الكلمات إلى العالم (Words To World) ومن العالم إلى الكلمات  ولا تحتاج إلى شرط الإخلاص.
وبناء على ذلك فإننا نجد الأفعال الكلامية غير المباشرة (indirect speech acts) في مقابل أفعال الكلام المباشرة (direct speech acts)، إن جملة فعل الأمر "أغلق الباب" تعتبر فعلا كلاميا مباشرا، وقد تكون أسلوبا غير لائق يتحول عنه المتكلم إلى بدائل أو أفعال كلامية غير مباشرة مثل" أيمكنك أن تغلق الباب"، أو "أيضايقك أن تغلق الباب"، أو" كم أكون شاكرا إذا أغلقت الباب"، أو " إني أشعر بالبرد لأن الباب مفتوح"، أو "هل يمكن أن نعمل والباب مفتوح؟"، إن أي بديل من هذه البدائل يقوم بوظيفة الطلب بالرغم من أن صيغة الأمر المباشرة غير موجودة. وفيمايلي مثال آخر[11]:
‌أ.                هل تعرف أين مكتب البريد؟
‌ب.           نعم، (قال نعم وتابع سيره)
إن المعنى المباشر للسؤال (أ) هو الاستفسار ولكنه في الواقع يطلب من المخاطب أن يرشده إلى مكان مكتب البريد. فالسؤال غير المباشر هو الطلب. أما بالنسبة للمخاطب (ب) فلم يكن متعاونا مع السائل لأنه أدرك السؤال كسؤال ولم يستجب له كطلب.
و كان الفعل الكلامي في الحدث الكلامي (Speech Event) كالكلام والخطبة والقصة الصغيرة والرواية والأخرى. كانت الحدث الكلامي الظواهر الاجتماعية متعلقة بالمتكلمين بسياق والمكان المعيّن، والفعل الكلامي الظواهر النفسية وتعود هذه الظواهر قدرة من توجيه الأحداث. الحدث الكلامي فاضلة على غرض الأحداث، والفعل الكلامي فاضل على معنى الحدث في الكلام.[12] الحدث الكلامي  والفعل الكلامي تكونان عملّية الاتصالية.
‌ج.              البراجماتية
1.   علاقات البراجماتية مع سائر العلوم 
التي تصعب ترجمتها حرفيا إلى اللغة العربية، وقد اختلف علماء اللغة في تحديد مقابلها، فقد أطلق عليها البعض اسم المقاميات وأطلق عليها البعض الآخر اسم علم الرموز، ومنهم من أطلق عليها التداولية[13].
ومصطلح البراجماتية مصطلح جديد يعود إلى عام 1938 عندما استخدمه الفيلسوف الأمريكي تشارلز موريس[14]. دالا على فرع من فروع ثلاثة يشتمل عليها علم العلامات أو السيمية semiotics ( يؤثر موريس استخدام semiotics ).[15] هذه الفروع هي:
1.    علم التراكيب syntacties أو syntax : وهو يعني بدراسة العلاقات الشكلية بين العلامات بعضها مع بعض.
2.    علم الدلالة semantics : وهو يدرس علاقة العلامات بالأشياء التي تدل عليها، أو تحيل إليها.
3.    التداولية[16] : وتهتم بدراسة علاقة العلامات بمفسريها[17].
وقد شرح اللغوي لفينسون مجال كل من هذه الفروع الثلاثة فيقول إنه إذا كان علم   تركيب الجملة يبحث في كيفية ارتباط الكلمات بعضها ببعض، وإذا كان علم الدلالة يختص بدراسة المعنى، فإن البراجماتية تختص باستخدام اللغة من وجهة نظر وظيفتها، بمعنى إنها تحاول أن تفسر أو جه التراكيب اللغوية بالإشارة إلى عوامل غير لغوية.
وللبراجماتية علاقات مع العلوم الأخرى، ونعرض هنا مدى علاقاتها مع غيرها من العلوم[18]:
1.    علم الدلالة semantics : وهو يشارك التداولية (البراجماتية) في دراسة المعنى على خلاف في العناية ببعض مستوياته. ونتيجة لتنامي الاهتمام بالتفاعل بين المعنى والاستعمال ظهرت اتجاهات حديثة تؤلف بينهما.
2.    علم اللغة الإجتماعي sociolinguistics  : وهو يشارك التداولية في تبيين أثر العلاقات الإجتماعية بين المشاركين في الحديث، والموضوع الذي يدور حوله الكلام، ومرتبة كل من المتكلم والسامع وجنسه، وأثر السياق غير اللغوي في اختيار السمات اللغوية وتنوعها.
3.    علم اللغة النفسي psycholinguistics  : وهو يشترك مع التداولية في الاهتمام بقدرات المشاركين التي لها أثر كبير في أدائهم مثل الانتباه، والذاكرة، والشخصية.
4.    تحليل الخطاب discourse analysis : وهو يشترك مع التداولية في الاهتمام أساسا بتحليل الحوار، ويقتسمان عددا من المفهومات الفلسفية واللغوية كالطريقة التي توزع بها المعلومات في جمل أو نصوص، والعناصر الإشارية deictics والمبادئ الحوارية conversational maxims.
وكان من نتيجة هذا التداخل واتساع مجالات البراجماتية وتنوعها أن أصبح من العسير وضع تعريف لها جامع مانع، وقد استطاع عدد من الباحثين أن يقدموا تعريفات كثيرة للبرجماتية ليس منها تعريف سلم من المآخذ عليه، وقد يناقض بعضها بعضا.

  1. تعريف البراجماتية
          وللبراجماتية عدة تعريفات ذكرها عفيف الدين مع ذكر بعض المآخذ عليها حيث يقول: "هناك تعريفات مختلفة للبراجماتية يمكن استعراضها فيما يلي[19]:
1.    جاء في كتاب لفنينسون تعريف البرجماتية أنها دراسة جميع جوانب المعنى التي لا تحتويها أو لا تنتظمها النظرية الدلالية. ولكن هذا التعريف يستلزم تحديد الإطار الواسع للمعنى. وهذا المعنى ينبغي أن يشمل المحتوى الساخر ironic، والمجازي (أو الاستعارة) metaphoric ، والضمني (أي الخاص بالإيحاءات غير البماشرة) implicit للاتصال والكامن في القول المنطوق أو المكتوب، ومن ثم لا يمكن قصره على المحتوى التقليدي لما يقال، وبتعبير آخر، فإن مجال البراجماتية هو المعنى بأوسع معانيه كما يحدده علم الدلالة.
2.    ومن بين التعريفات للبراجماتية التي جاءت في كتاب لفنينسون ما يقوم على التفرقة بين معنى الجملة sentence  ومعنى المنطوق utterance ، بحيث يختص علم الدلالة بدراسة معاني الجمل بينما تقوم البراجماتية بدراسة معاني المنطوقات. وفي هذا التعريف يعتبر المنطوق سلسلة من الجمل مرتبطة بسياق معين، وهو بشكل دقيق السياق الذي يتم نطق الجملة أو مجموعة الجمل فيه.
3.    وجاء في معجم اللسانيات الحديثة أن البراجماتية أو المقاميات هي تفسير نص ما تفسيرا شاملا يجمع إلى جميع المكونات اللغوية الداخلية له القرائن الخارجية المصاحبة التي تؤثر تأثيرا واضحا في تحديد دلالته الدقيقة، وهي بهذا التصور قريبة من القول المأثور في البلاغة العربية "لكل مقال مقام". أي أنها تهتم بدراسة الأفعال الكلامية Speech Act والسياق أو الموقف situation الذي تحدث فيه كما أنها لا تختلف عن علمي النحو والدلالة إلا في المستوى فقط إذ تقوم بجمعها على مستوى ثالث خاص بالمقام أو السياق.
4.    وأما معجم علم اللغة النظري فيعتبر أن البراجماتية أو التداولية والسيموتية لا تختلف، فالبراجماتية هي علم الرموز أو السيموتية وهي دراسة الرموز اللغوية وغير اللغوية.
5.    ويرى محمود صحراوي أن البراجماتية أو التداولية هي علم جديد للتواصل الإنساني يدرس الظواهر اللغوية في مجال الاستعمال ويتعرف على القدرات الإنسانية للتواصل اللغوي، ومن هنا تكون جديرة بأن تسمى علم الاستعمال اللغوي. "
وأوجز التعريف للبراجماتية هو : دراسة اللغة في الاستعمال in use أو في التواصل in interaction  لأنه يشير إلى أن المعنى ليس شيئا متأصلا في الكلمات وحدها، ولا يرتبط بالمتكلم وحده، ولا السامع وحده، فصناعة المعنى تتمثل في تداول negotiation  اللغة بين المتكلم والسامع في سياق محدد (مادي، واجتماعي، ولغوي) وصولا إلى المعنى الكامن في كلام ما[20].
ولفهمنا أكثر عن البراجماتية نأخذ بعض الأمثلة عليها:
1.    المحادثة التي تجري بين الشخصين[21] نرمزهما ب (أ) و (ب).
(أ‌)                : لكن هل يمكنك التفضل بالمجيئ إلى هنا مرة أخرى الآن حالاً.
(ب‌)           : ولكني لا بد أن أذهب إلى القاهرة اليوم يا سيدي.
(ت‌)           : إذن ما رأيك في يوم الثلاثاء؟
من المحادثة السابقة يمكننا نستنتج الحقائق التالية:
·       أن هذه الجمل ليست هي نهاية المحادثة أو بدايتها.
·       أن (أ) لا يوجه السؤال إلى (ب) بل يطلب منه أن يذهب إليه في وقت الكلام (أو في وقت لاحق له مباشرة)، وأن (ب) يوحي بأنه لا يستطيع ذلك (أو يفضل ألا يفعل ذلك)، وأن (ب) يكرر الطلب مع تغيير الوقت إلى وقت آخر.
·       أن (أ) يريد من (ب) أن يحضر الآن، ويعتقد أن (ب) من الممكن أن يحضر، ويعتقد أن (ب) ليس هناك بالفعل، ويعتقد أن (ب) لم يكن على وشك الحضور من تلقاء نفسه، ويتوقع أن (ب) سوف يرد إما بالقبول أو بالرفض، وإذا قيل فإن (أ) سوف يتوقع أيضا أن يحضر (ب)، ويعتقد (أ) أن طلبه يمكن أن يكون حافزا لـ (ب) لكي يذهب إليه؛ وأن (أ) ليس في مكانة تسمح له بأن يأمر (ب) بالحضور، أو أنه يتظاهر بهذا.
·       أن (أ) يفترض أن (ب) يعرف أين يوجد (أ)؛ وأن (أ) و (ب) ليسا في المكان نفسه؛ وأن أيا منهما ليس في القاهرة؛ وأن (أ) يعتقد أن (ب) قد سبق له التوجه من قبل إلى المكان الوجود فيه (أ).
·       أن اليوم الذي تتم فيه المحادثة ليس الثلاثاء في الأسبوع نفسه.
·       أن (أ) ذكر؛ وأن (ب) يعترف بأن (أ) يتمتع بمنزلة اجتماعية أعلى منه.
·       أن (أ) و (ب) يتحدثان تلفونيا وليس وجها لوجه.
ومن الواضح أن جميع الاستنتاجات السابقة لا تدخل في إطار المحتوى الدلالي للجمل الثلاث ولكنها بالأحرى تعكس قدرتنا على أن نحسب الافتراضات السياقية التي تشير إليها هذه الجمل، أي الحقائق الخاصة بالعلاقات المكانية، والزمانية، والإجتماعية بين المتحدثين، ومعتقداتهما ومقاصدهما وهما يقومان بتبادل حديث معين.
2.    أنا عطشان.
قد يعني احضر لي كوبا من الماء.
3.    أ هذه سيارتك؟
فإنك حتى هذه اللحظة قد لا تكون وصلت إلى منى المتكلم أو فهم القوة التي تكمن خلف هذا السؤال: هل امتكلم يريد إجابة عن سؤاله بنعم أو لا أو أنه يخرج عن هذا المعنى الحقيقي إلى مقصود آخر هو التعبير عن اللوم لأن سيارتك سدت طريق المرور على السيارة الأخرى؟ وهذا هو معنى المتكلم.
ولعلنا بعد أن وجدنا مدى اتساع علاقة البراجماتية وغيرها من البحوث اللغوية فنحن بحاجة إلى سمات ومميزات البراجماتية تتميز بها عن غيرها من البحوث اللغوية حتى نستطيع أن نفرق بينها وبين غيرها.

3.    ميزات التداولية (البراجماتية) عن غيرها من اتجاهات البحث اللغوي

ذكر Verschueren في تحيد ميزات التداولية فيقول[22]:
1.    التداولية تقوم على دراسة الاستعمال اللغوي أو هي لسانيات الاستعمال اللغوي. وموضوع البحث فيها هو توظيف المعنى اللغوي في الاستعمال الفعلي من حيث هو صيغة مركبة من السلوك الذي يولد المعنى.
2.    ليس للتداولية وحدات تحليل unit of analysis خاصة بها ولا موضوعات مترابطة correlational topics.
3.    التداولية تدرس اللغة من وجهة وظيفة عامة (معرفية cognitive، واجتماعية social، وثقافية cultural).
4.    تعد التداولية نقطة التقاء poin of convergence مجات العلوم ذات الصلة باللغة بوصفها وصلة بينها وبين لسانيات الثروة اللغوية Linguistic of language resources.  


المراجع

أحمد مختار عمرعلم الدلالة. القاهرة: عالم الكتب. دون الستة.
صبري ابراهيم السيد. علم الدلالة إطار جديد. اسكندرية: دار المعرفة الجامعة. 1995
عفيف الدين. محاضرة في علم اللغة الاجتماعي. سورابيا: مطبة دار العلوم اللغوية.2010
محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر. اسكندرية: دار المعرفة الجامعة. 2002
Aslinda dan Leni Syaf Yahya. Pengantar Sosioinguitik. Bandung: Refika Aditama. 2007 Suyono. Pragmatic “Dasar-Dasar dan Pengajaran” .Malang: Ya3 Malang.1990





[1] عفيف الدين، محاضرة في علم اللغة الاجتماعي (سورابيا: مطبة دار العلوم اللغوية،2010)، 44
[2] أحمد مختار عمر، علم الدلالة  (القاهرة: عالم الكتب، دون الستة)، 13
[3] عفيف، محاضرة في علم اللغة الاجتماعي ،45
[4] Suyono, Pragmatic “Dasar-Dasar dan Pengajaran” (Malang: Ya3 Malang, 1990), 5
[5] صبري ابراهيم السيد. علم الدلالة إطار جديد (اسكندرية: دار المعرفة الجامعة، 1995)، 211
[6] عفيف، عفيف، محاضرة في علم اللغة الاجتماعي ،46
[7] محمود، آفاق جديد،  45
[8] نفس المرجع
[9] نفس المرجع.
[10] محمود، آفاق جديد،  49

[11] غفيف، محاضرة في علم اللغة الاجتماعي، 48
[12]   Aslinda dan Leni Syaf Yahya, Pengantar Sosioinguitik (Bandung: Refika Aditama, 2007), 33
[13]  عفيف الدين، محاضرة في علم اللغة الاجتماعية، 49،
[14]  المرجع السابق
[15] محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، 9
[16] اسم من أسماء البراجماتية كما ذكر مسبقا.
[17] . محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، 9
[18] المرجع السابق،10-11
[19] عفيف الدين، محاضرة في علم اللغة الاجتماعية ، 52-54.
[20] محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة، 14.
[21] عفيف الدين،  محاضرة في علم اللغة الاجتماعية ، 55-56.
[22] محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، 14

Tidak ada komentar:

Posting Komentar